Abstract:
فإن علم الجرح والتعديل من أهم أنواع علوم الحديث وأعظمها شأناً وأبعدها أثراً, إذ به يتميز الصحيح من السقيم, والمقبول من المردود, وهو من باب صيانة الدين والنصيحة للمسلمين.
وقد نشأ علم الجرح والتعديل مع نشأة الرواية في الإسلام, إذ كان لا بد لمعرفة الأخبار الصحيحة من معرفة رواتها, معرفة تمكن أهل العلم من الحكم بصدقهم أو كذبهم حتى يتمكنوا من تمييز المقبول من المردود. لذلك سألوا عن الرواة , وتتبعوهم في مختلف أحوال حياتهم العلمية وعرفوا جميع أحوالهم, وبحثوا أشد البحث حتى عرفوا الأحفظ فالأحفظ , والأضبط فالأضبط مجالسة لما فوقه ممن كان أقل مجالسة. إلى جانب ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقد وصلنا كثير من أقوال الصحابة في هذا الباب, وتكلم بعد الصحابة في الرحال التابعون وأتباعهم وأهل العلم من بعدهم, وكانوا يبينون أحوال الرواه وينقدونهم ويعدلونهم حسبة لله خدمةً للشريعة.
وانطلاقا من هذه المكانة لعلم الجرح والتعديل؛ فقد رأيت أن أقدم هذا الكتاب لطلاب كلية أصول الدين وعلوم القرآن متناولًا فيه بيان أهمية هذا العلم وفوائده، وكذلك بيان أسسه وضوابطه، في أسلوب سهل ميسور، مستعينا على توضيح كل قضية من قضاياه، ومفردة من مفرداته بالإكثار من الأمثلة، مع الشرح والبيان.