Abstract:
دأب بعض المؤرخين، والباحثين في التاريخ العربي القديم على وصف العرب في الجاهلية بأنهم مجموعة من البدو الأقحاح الذين لا يعرفون للأخلاق طريقا، وقد ادرعوا بوصفهم هذا ببعض ما سطره التاريخ من مواقف برزت فيها شدة العرب، وقسوتهم، حيث تسل سيوفهم، وتقطع رقابهم، وتسبى نساؤهم لأجل ناقة سبقت أختها.
لكن، وإن بدا هذا الرأي صحيحا في ظاهره، فهو ينطلي على حيفٍ كبير، وظلم شديد لفترة زمنية من أهم فترات العرب التاريخية والحضارية والإنسانية، فلم يكلف هولاء الباحثون أنفسهم عناء البحث والتنقيب في التراث الشعري لهذه الفترة التاريخية ،وإن هم فعلوا- فسيعلمون حينها فداحة حكمهم.
والمتأمل في شعر الجاهليين يلحظ أن لشعرهم قيمة أخلاقية تعكس أخلاقهم إلى جانب القيمة الفنية،هذه الأخلاق التي فطروا عليها،وصارت مكونا رئيسا من حياتهم،ويخطئ من يظن أن الجاهليين قبل الإسلام همج لا أخلاق تحكمهم،ولا سلوك يقوِّمهم،وإن كان بعضهم كذلك،فليس من الإنصاف أن يؤخذ الكل بجريرة البعض،فإن كان،فذاك الحيف ذاته.
واستطاع الشعرأن يعبر عن حياة الجاهليين وتقاليدهم وأخلاقهم،وكل ما دقَّ وظهر في بيئتهم،حتى قال عمر بن الخطاب:"كان الشعرعلم قوم لم يكن لديهم علم أصح منه"فالشعر سجلُ حياتهم قبل ظهور الإسلام.