Abstract:
لقد اجتمع لابن الرومي من نوائب الدهر، ومتاعب الأيام ما لم يجتمع لغيره من الشعراء من الفقر، وسوء الطالع،واضطراب الأعصاب،وثورة النفس،بل وثورة الناس،وكان شعره تعبيرا عن نفسه أولا،مخالفا لما تعارف عليه الشعراء قبله،فقد قسم ابن الرومي قصائده بينه وبين ممدوحه،يمدحه في قسم،ويخرج همومه في قسم آخر منها.
لقد عاش ابن الرومي اغترابا نفسيا نتيجة عوامل مختلفة، فقد عاش عصرا مضطربا أشد الاضطراب من الناحية السياسية والاقتصادية،والاجتماعية،والعقدية،كان له مردوده في شعره،وجعلت نفسه تتخذ مكانا شرقيا من أهلها،فعاش فترات طويلة قد انفصلت فيها نفسه الحقيقية عن واقعها،فمدح،وهنأ، ورثا.
لقد كان ذا فلسفة خاصة اكتسبها من ثقافات عصره، بيد أنه لم يستطع أن يُلبِسَ الفكر ثياب الفن، ووقع أسيرا في أغلال المعنى الفلسفي دون أن يحكم قياده،فكان المعنى يهرب منه من رحاب الشعر إلى فضاء الفكر،ويجعل من نوازع النفس فضاءات فكرية ونفسية هي أرحب من رحاب المعنى الشعري والفني.
لقد كاد الناس ينسون ابن الرومي بعد موته، ويذهب شعره في خضم بحر النسيان،لولا أن الله قيَّد له من يبعثه، فقام الشيخ محمد شريف سليم بإعداد وشرح مختارات من شعره في جزءين كبيرين،ثم قام الأستاذ كامل الكيلاني بعد ذلك بجمع مختارات أخرى جعلها-كما يقول المازني-ثلاثة أجزاء، في مجلد واحد،جملة صفحاته خمسمائة،فيها قريب من سبعة آلاف بيت، وصدرها العقاد في "( )عبقرية ابن الرومي،لم يدع فيها شاردة ولا واردة، ولا ترك شيئا لسواه يقوله...حتى صار قصارى أن يترسمه،ويفصل ما أجمل..." إلى أن يقول :"وما بالقليل أن يفوز بذلك من خمل في حياته خمولا منقطع النظير ،في تاريخ الآداب مع وضوح حقه"( ).
ويتناول البحث قضية الاغتراب النفسي عند ابن الرومي من حيث أسبايها ومظاهرها وأثرها في شعره، وقد قسمت البحث إلى: - مقدمة.
- المبحث الأول: ابن الرومي حياته وعصره. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الاغتراب..لغة واصطلاحا.
المطلب الثاني:حياة ابن الرومي وعصره.
- المبحث الثاني: الاغتراب في شعره..أسبابه ومظاهره.وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أسباب الاغتراب.
المطلب الثاني:مظاهر الاغتراب.
- الخاتمة يصحبها أهم النتائج التي توصل البحث إليها، متلوة بأهم المصادر والمراجع التي اعتمد عليها البحث.