Abstract:
إنّ عملية الكتابة قد تكون من أصعب المهارات اللغوية لدى الطلبة الناطقين بغير العربيّة، لا سيّما فيما يتعلّق بإتقان أساليبها المتميّزة. ومما لا شك فيه أننا كثيرا ما نسمع شكاوى من متعلمي اللغة الثانية بأنهم يجدون صعوبات وعراقيل في امتلاك ناصية مهارة الكتابة أو التعبير التحريري العربي نتيجةً لدوام وقوعهم في الأخطاء الأسلوبية أثناء كتابتهم مما يجعلهم يعتقدون أن إتقانها أمر صعب المنال.
وهناك أسباب متعددة تؤدي إلى وقوع متعلمي اللغة الثانية في الأخطاء الأسلوبية لكن الذي يلفت نظر الباحث من بينها الخطأُ في اختيار أدوات الربط المناسبة لربط العبارات والجمل والعلاقة بين التراكيب المكونة للنص مما أفضى إلى فقدان العلاقة بين التراكيب وعدم التماسك بينها للتعبير عن المعنى الكلي. ولا يخفى أن من مظاهر وضوح النص وجودُ الترابط بين الجمل، وتماسك الأفكار، وذلك يكون عبر عناصر الاتساق التي تربط بين الجمل وأجزاء النص، وهي تساعد القارئ في تتابع التستسل الفكري تتابعا سلسا، كما أنها تساعد في تحقيق تدفق الكتابة تدفقا طبيعيا بدون التكرار غير الضروري. والجملة أن إتقان الأدوات الرابطة على درجة كبيرة من الأهمية في عملية الكتابة العربية الصحيحة وعدم تمكن متعلمي اللغة الثانية من فهم الأدوات الرابطة في اللغة العربية وكيفية استخدامها السليم في الجملة، يجعل أساليبهم وتعابيرهم ركيكةً وغامضةً. لذا صار الاتساق معياراً من معايير الجودة في الكتابة، وهو الذي يجعل النص مترابط الأجزاء، ومتدافق الأفكار، وهذا فعلا يشير إلى أن الاتساق ضروري للغاية في كتابة النص.
وبناءً على ما تقدّم يرى الباحث أن موضوع الاتساق وعناصره أمر لا يستهان به ولا بد من تعليمه في كتابة النص العربي السليم لا سيما للطلاب الناطقين بغير العربية، بحيث أحوجت عملية الكتابة إلى تقديم سلسلة متعاقبة من الجمل الرتبة وفق نظام خاص، والمرتبطة مع بعضها بأساليب معينة لأجل صياغة نص ذي وحدة متكاملة تمتاز بالتماسك والتنظيم الجيد.
ومن ثَمَّ، نرى أن تعليم الاتساق في كتابة النص أو التعبير التحريري، ولا سيما للطلاب الناطقين بغير العربية أمر بالغ الأهمية حتى يتمكنوا من اعتاد كتابة جيدة، والمحافظة على تسلسل الأفكار فيها. ففي الصفحات التالية، تقوم هذه الورقة البحثية بمعالجة ماهية الأسلوب والأخطاء الأسلوبية، وعرض أهمية الاتساق في كتابة النص بالتركيز على أحد عناصره وهو العبارات الرابطة.